يبدو من غير المنطقي وغير المتوقع حدوث تلك الطفرة في دول الخليج العربية وكل الدول العربية المنتجة للبترول فلسنوات طويلة اعتدنا العيش في الأوهام التي نروجها ونسعي لتأكيدها باستمرار بأن مصر هي مركز العالم العربي منارة الثقافة ومستودع الأبداع
كل هذا يتلاشي ويتبخر كليا عند النظر الي الوضع الراهن مثل ظهور مجتمعات راقية ومتمدنة في الدول العربية التي لا تملك اي تاريخ او تراث يذكر مقارنة بنا
فاصبحنا نري مثلا دبي كمركز متوهج للأستثمارات ولجذب كل العناصر الازمة لبناء مجتمع علي الطريقة الغربية ليس في الشكل الخارجي فقط ولكن ايضا في مضمون الحياة والنزعة الثقافية والأبداعية المتنامية وما نراه في دبي نراه ايضا في لبنان ولكن علي مستوي اقل وبخطي ابطيء
قد يعلل البعض ذلك بأنه نتيجة مباشرة لرأس المال الضخم جدا العائد علي دول الخليج التي تعوم علي بحيرة من النفط
قد يكون ذلك الأعتقاد صحيحا بدرجة مافقبل 200 عام كان العرب يعيشون مثل البدو في الخيم بدون اي اوجه للحضارة او ادني طموحات للرفاهية
تشاء الظروف ان يتم اكتشاف النفط بالصدفة في اثناء البحث عن الماء وما تلي ذلك من ضخ للأستثمارات والخبرات التقنية وما تبعها من تغيير شكل الخريطة كليا وظهور نواحي نواحي سياسية ايضا تفرض نفوذها بقوة
ولكن كل ذلك لم يؤدي لتغيير طبيعة المدن العربية الا شكليا
اما تلك الرياح الجديدة فهي وليدة تفكير ونهج غير معتاد اكثر من كونه قوة المال
وهذا قد يبرر بشكل كبير علي قدرة باقي دول الخليج علي الوصول لتلك النهضة التكنولوجية والحضارية وقد يبرر ايضا قدرة دولة مثل لبنان علي تخطي تلك المرحلة رغم عدم وجود موارد نفطية او طبيعية
وهذا ان كان له دلالة فانه يدل علي مدي رجعية تفكيرنا وسلبيتنا اللامتناهية
فدولة مثل لبنان لا تملك ولا حتي نصف تاريخنا وتراثنا الثقافي والفكري ولا الأستقرار السياسي والأجتماعي ومع ذلك وصلت الي ما هي عليه الأن
دائما يبقي جانب اخر للموضوع جانب غير معلن خفي لكنه متوقع بنسبة ما بحكم انه حدث مستقبلي
لأنه في وقت قريب او بعيد ستزول مصادر الثراء لدي دول الخليج المتمثلة في النفط وسيعودون كما كانوا لحياة الصحراء والخيام الا انه سيكون لديهم مخزون أخر اهم بكثير